في المقابل، ورغم تحقيق دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول عربياً، والـ 21 عالمياً، تلتها دولة قطر في المرتبة الثانية عربياً والـ 29 عالمياً، فقد شهدت المنطقة العربية بشكل عام مستويات منخفضة كعادتها على سلم المؤشر، حيث سجلت 19 دولة عربية عدد نقاط أقل من 50 درجة.
وأكدت منظمة الشفافية العالمية، أن مؤشرات هذا العام تكشف عن معلومات تبعث على القلق، فعلى الرغم من مساعي محاربة الفساد في مختلف أنحاء العالم، فإن جهود معظم الدول تبقى متعثرة، لافتة إلى أن معظم البلدان التي تتدنى فيها مستويات حماية الصحافة، والمنظمات غير الحكومية هي التي تتصدر أعلى معدلات الفساد.
وفي الوقت الذي لم يشهد فيه المؤشر تغييرات كبيرة بالنسبة للكثير من الدول العربية، فإن عدداً من هذه الدول على غرار الأردن، ولبنان، وتونس، قامت وفق المنظمة ببعض الخطوات الإيجابية نحو محاربة الفساد، وزيادة الشفافية، وتعزيز النزاهة.
وعلى الرغم من أنه لم ينعكس على ترتيبه على سلم المؤشر، فإن لبنان كان قد قطع خطوات مهمة مع إصدار قانون الوصول إلى المعلومات، إلى جانب مصادقة البرلمان اللبناني على الميزانية العامة للدولة منذ أكثر من 10 أعوام، وتحديداً منذ العام 2005.
من جهتها، شهدت تونس وعلى الرغم من تقدمها في بعض جبهات مكافحة الفساد، نكسة مع اعتماد قانون المصالحة المثير للجدل. وعلى الرغم من المعارضة العامة القوية، فإن القانون الذي أقر، يمنح العفو للموظفين الفاسدين الذين خدموا في نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ووفقاً للتقرير، فإنه على الرغم من بعض الجهود التي بذلت، لا يزال الفساد متواجداً في هذه البلدان والمنطقة ككل بشكل عام، إذ لفت إلى أن التراجع في الأرقام التي سجلتها الدول العربية يعكس التحدي الذي تواجهه أمام الفساد السياسي الذي دمر المنطقة.
وأشار تقرير المنظمة العالمية إلى أنه في ظل غياب الفصل بين السلطات، وفي ظل عدم وجود مؤسسات عامة قوية وشفافة وآليات للمساءلة، فإن تطبيق القوانين، وإقرار آليات وأنظمة مكافحة الفساد، تصبح مجرد تشدق في الكلام دون وجود إصلاح سياسي ومؤسسي حقيقي الذي تشتد الحاجة إليه يوماً بعد آخر.
وأكدت المنظمة أن مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا تتطلب إرادة سياسية جدية وحقيقية للتغيير والإصلاح، ولأجل الخروج من هذه الحالة يجب على الحكومات العربية أن تتخذ إجراءات طويلة الأمد لإنشاء مؤسسات شفافة وخاضعة للمساءلة، ومقاضاة المخالفات، بالإضافة إلى تعزيز مشاركة المجتمع المدني، وحماية الناشطين والصحافيين في كشف الفساد ومحاربته، بالإضافة إلى عدم ملاحقة المعارضين عبر قوانين مكافحة الإرهاب والجريمة السيبرانية.
وفي تعليق لها على التقرير، أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية، باتريشيا موريرا، أن لكل ناشط أو صحافي الحق في أن يندد بالفساد دون أن يخشى على حياته، مشددة على أهمية بذل جهد أكبر لحماية كل من يفضح الفساد.
وأضافت موريرا «تستخدم بعض الحكومات شتى الوسائل لقمع صوت الساعين لمكافحة الفساد، من حملات التشهير والمضايقات وصولاً إلى الدعاوى القضائية»، داعية هذه الحكومات التي تتستر وراء فرض قوانين تقيد الحريات أن تتراجع عنها على الفور، وأن تفسح المجال لمشاركة المكونات المدنية.
ولفت تقرير منظمة الشفافية إلى أنه خلال السنوات الست الماضية، قُتل أكثر من 9 من أصل 10 صحافيين في بلدان حصلت على درجات تعادل أو تقل عن 45 نقطة في مؤشر مدركات الفساد، ويعني ذلك أن معدل صحافي واحد على الأقل يقتل في بلد من البلدان الأكثر فساداً، بالإضافة إلى ذلك، يلقى صحافي واحد من أصل 5 صحافيين حتفه أثناء تغطيته لخبر صحافي عن الفساد، مع التنويه بحسب بأن العدالة لم تأخذ مجراها حتى اليوم في معظم هذه الحالات بحسب المنظمة.
ووفق التقرير، حققت نيوزيلندا المرتبة الأولى عالمياً كأفضل بلد على مؤشر مدركات الفساد، تلتها 3 دول اسكندنافية هي: الدنمارك التي جاءت في المركز الثاني، وفنلندا في المرتبة الثالثة، في حين حلّت النرويج في المركز الرابع.
في المقابل، تذيلت الصومال قاع الترتيب لتكون بذلك أسوأ بلد في العالم على سلم مدركات الفساد، لتحتل المرتبة الأخيرة أي 180 في العالم، تلتها جنوب السودان في المرتبة 179، ثم سورية في المركز الـ 178، كما حلّت اليمن في المركز الـ 175.
ويتولى المؤشر تصنيف 180 بلداً وإقليماً وفقاً لمدركات انتشار الفساد في قطاعها العام استناداً إلى آراء الخبراء والمسؤولين في مجال الأعمال، وذلك حسب مقياس يتراوح بين 0 و100 نقطة، حيث تمثل النقطة الصفر البلدان الأكثر فساداً، في حين تمثل النقطة 100 البلدان الأكثر نزاهة.
وتوصل المؤشر هذه السنة إلى أن أكثر من ثلثي البلدان قد حصلت على درجة تقل عن 50 نقطة، إذ إن معدل الدرجات بلغ 43 نقطة.
الكويت تتراجع 10 مراكز على مؤشر «مدركات الفساد»!
