Preloader logo

السعوديون يبدعون على يوتيوب.. هرباً من رتابة التلفزيون الحكومي

(رويترز) – لا تجد على موائد قنوات التلفزيون السعودية سوى برامج دينية ومادة تلفزيونية مستوردة لا يدور حولها أي جدل. لكن المواطن السعودي العادي لا يكتفي بهذا لقضاء ليلته فالسعوديون هم الآن أنشط مستخدمي موقع يوتيوب لتبادل ملفات الفيديو على الانترنت.

وتقدم قناة يوتيرن على يوتيوب -ومقرها مدينة جدة السعودية- برامج مختلفة من المسلسلات إلى برامج تلفزيون الواقع. وتعرض القناة برنامج “على الطاير” وهو نسخة سعودية من برنامج المذيع الأمريكي الساخر الشهير جون ستيوارت إلى جانب “إيش اللي” وهو برنامج أسبوعي خفيف يستعرض مقاطع الفيديو العربية على الانترنت.

وقال عبد الله مندو (27 عاماً) الذي أسس الشركة العام 2010 مع اثنين من أصدقائه في الجامعة إن عدد مشاهدات قناة يوتيرن على يوتيوب وصل إلى 286 مليون مشاهدة حتى منتصف سبتمبر/أيلول، وبلغ عدد متابعي القناة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ثمانية ملايين أغلبهم سعوديون.

سر نجاح قناة يوتيرن بسيط لكنه في السعودية يتخذ بعداً ثورياً وهو: تقديم ما يريده المشاهدون.

وقالت مرام جايلي وهي تلميذة في الرياض تبلغ من العمر 16 عاماً إن “هذه النوعية من البرامج مفيدة ومسلية ولأنها من صنع شبان فهي قريبة من القلب”.

وأضافت أن تناول القضايا الاجتماعية بشكل ساخر جعل القناة أقرب إلى المشاهدين. وقالت “يريد الناس أن يشاهدوا ما يضحكهم”.

وتحدي الانترنت لوسائل الإعلام التقليدية ليس حصرياً في السعودية. وأفادت أحدث بيانات للشركة بأن موقع يوتيوب ساعد في تمويل نحو مئة قناة جديدة تبث من خلاله وأن 25 قناة على الموقع جذبت أكثر من مليوني مشاهدة أسبوعياً حتى فبراير/شباط.

ويقول خبراء الإعلام إن القيود في المجتمع السعودي حيث تجوب شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأماكن العامة لفرض سلوكيات متفق عليها أوجدت جمهوراً أسيراً لمشاهدة الأخبار على الانترنت وكذلك برامج الترفيه.

وأصبحت السعودية التي يصل عدد سكانها إلى 28.3 مليون شخص أكبر مستخدم لموقع يوتيوب في العالم وقالت شركة سيميوكاست للتحليل إن السعودية هي ثامن أنشط دولة على موقع تويتر حتى أبريل/نيسان وبلغت نسبة تغريدات المستخدمين السعوديين على تويتر 2.33 في المئة من كل التغريدات على الموقع.

وقالت سلام سعادة الشريكة في إدارة (واي بلس فينتشر بارتنرز) وهي شركة مقرها دبي تتخصص في الإعلام الرقمي والمحمول ووسائل الإعلام الجديدة إن المصدر الأساسي للترفيه في السعودية هو الانترنت وإن السبب في ذلك هو أسلوب الحياة في المملكة.

تعليقات فورية

يقول جو خليل الأستاذ المساعد في الاتصالات بجامعة نورث وسترن في قطر إن السعوديين لديهم شغف بالإعلام خارج إطار الدولة منذ أن بدأوا في استخدام الانترنت على نطاق واسع في التسعينيات.

وأضاف أن هذا يشمل مقاطع الفيديو التي يصورها السعوديون والمنتديات التي يتبادل فيها الناس الآراء. وقال إن مقاطع الفيديو المحلية تنسخ على أقراص فيديو رقمية أو أقراص مضغوطة وتوزع بين الأصدقاء وإن هذا شكل من الإعلام يعتمد فيه الناس على أنفسهم.

وقال قسورة الخطيب صاحب وكالة (فول ستوب) السعودية للإعلان والذي انضم إلى يوتيرن عام 2010 وأصبح الآن رئيس الشركة إن ميزة الانترنت في التواصل المباشر مع الجمهور تصب في صالح منتج منخفض التكلفة.

وأضاف أن المبدع ينتج المادة ويضعها على الانترنت ويحصل على رأي الناس فيها على الفور من خلال عدد من أعجبهم المحتوى ومن عبروا عن استيائهم منه وكذلك عدد المشاهدات والتعليقات.

وذكر الخطيب أن الأمر مختلف على الانترنت فلا تحتاج لإنتاج موسم كامل ثم تدرك فجأة أنه ليس على المستوى المطلوب.

وتمثل الدعاية نحو 90 في المئة من عائدات يوتيرن وتأتي أربعة أخماس هذه النسبة من الإعلان الذي يقدم في شكل استخدام للمنتج في سياق المادة المعروضة على القناة.

ولا تعلن يوتيرن ولا شركة سي ثري التي تدير قناة تلفاز 11 المنافسة على يوتيوب أي بيانات عن العائدات أو البيانات المالية الأخرى.

وحصدت برامج سي ثري 222 مليون مشاهدة على يوتيوب حتى منتصف سبتمبر/أيلول وتقول الشركة إن عدد متابعيها على تويتر بلغ 2.85 مليون شخص وعلى جوجل بلس 1.16 مليون شخص و724 ألفا على إنستاجرام.

وتقول سي ثري إن 84 في المئة من مشاهديها من السعودية و5.6 في المئة من الولايات المتحدة و1.2 في المئة من الإمارات.

ووصل عدد المشتركين في برنامج “لا يكثر” الساخر الذي أطلق في 2010 على قناة تلفاز 11 إلى 560 ألف شخص وبلغ عدد المشاهدات الشهرية للبرنامج 4.7 مليون مشاهدة.

ويحصد برنامج “التمساح” الذي تظهر فيه دمية على شكل تمساح لتتحدث عن أشهر مقاطع الفيديو على يوتيوب وتجري مقابلات مع المشاهير 11 مليون مشاهدة شهرياً.

وقال عبد العزيز الشعلان وهو من مؤسسي شركة سي ثري إن نجاح سي ثري ليست له علاقة بالمنتج ولا طريقة العمل وإنما بأسلوب الحياة الذي تروج له الشركة.

وتستخدم سي ثري أيضاً أسلوب الدعاية القائم على إدخال المنتجات في سياق برامجها حيث عرضت منتجات يونيليفر وبلاكبيري وسامسونج ونستلة وكوكاكولا وغيرها.

وأضاف الشعلان أنه لا توجد صناعة أصيلة للإعلانات تقريباً في السعودية لأن وكالات الدعاية لا تقدم الكثير من الإبداعات.

الأساليب القديمة

تملك الحكومة السعودية نحو تسع قنوات تلفزيونية من خلال هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية كما توجد بعض القنوات الخاصة مثل قناة المجد الدينية وقنوات روتانا التي يملكها الملياردير السعودي الوليد بن طلال.

ولا يمكن للقنوات الأجنبية البث من داخل السعودية لكن العديد من القنوات تصل إلى السعودية من دول أخرى وتمثل نحو 45 في المئة من حصص السوق. وتحظر السعودية دور العرض السينمائي.

وتوجد أطباق الاستقبال الفضائي أو التلفزيونات الرقمية في نحو 90 في المئة من البيوت السعودية وفقا لشركة إنفورما تليكومز الاستشارية في مجال الاتصالات والإعلام.

وتميل القنوات التي تبث في المملكة إلى الاعتماد على برامج تقدم صورة مثالية للحياة السعودية أو على الإنتاج الأجنبي البعيد عن تجارب معظم المشاهدين في دولة لا تزيد أعمار نصف مواطنيها عن 25 عاماً.

وقال مندو من قناة يوتيرن إن الشركات الإعلامية التقليدية تقدم محتوى منفصلاً عن الواقع.

واتخذت الحكومة السعودية خطوات لمراقبة أو منع بعض الاتصالات عبر الانترنت ومحتويات أخرى على الشبكة الدولية بعد الدور الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في احتجاجات أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا واليمن.

ولكن السلطات السعودية لا تزال تتيح مساحة حرة على يوتيوب.

وقال خليل من جامعة نورث وسترن في قطر إنه كانت هناك محاولات لتنظيم التدوين لكنها لم تنجح كثيراً حتى الآن لذا تغض السلطات الطرف في الوقت الحالي.

ويعني هذا أن شركات الإنتاج تعمل في فضاء لا تفرض عليه قيود حالياً.

وذكر خليل أن القنوات على يوتيوب ليست جهات بث لذا فهي لا تحتاج إلى ترخيص لكنها مع ذلك تصور مادة تلفزيونية.

ولم يذكر موقع يوتيوب ما إذا كان يعتزم مساعدة القنوات الناشئة في السعودية لكنه قال إنه يتابع التطورات في المنطقة باهتمام.

وقالت مها أبو العينين وهي متحدثة باسم يوتيوب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن الشركة منبهرة بانتعاش مبدعي المحتوى في المنطقة وتريد إنعاش الأجواء ودعمهم قدر المستطاع.

وتحرص الشركات من جانبها على تجنب إثارة انتباه السلطات وتفادي الاستفزاز.

وقال مندو إن كل العاملين في يوتيرن تربوا في السعودية ويفهمون الحساسيات في البلاد.

وأضاف أن الطريقة المثلى لتحقيق الهدف الذي دفعهم لإطلاق القناة -وهو تقدم المجتمع- هي القيام بذلك دون إغضاب أحد.